السؤال: لا توجد عندنا إلا المدارس المختلطة فماذا أفعل؟ مع العلم أنني محجبة، وعلاقتي تقوم على الاحترام سواء مع الفتيات أو الفتيان، فالكل يحترمني وخاصة الشباب؛ لأنني أعرف حدودي معهم، ولم أجد مشاكل معهم من أول فصل دراسي في الابتدائي إلى الجامعة الآن. هل الاختلاط هو المحرم؟ أم الإخلال بشروط الاختلاط هو المحرم؟ (يعني كأن تكون الفتاة غير محجبة - انعدام غض البصر - انفتاح العلاقة بين الشاب والشابات). ففي عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانت النساء يأتين إليه ويسألنه أمورهن، والرجال كانوا يأتون إلى السيدة عائشة -رضي الله عنها- ويسألونها عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- من وراء حجاب. ألا يعتبر ذلك اختلاطًا، ولكن مع توفر الشروط؟ إضافة إلى أنني قرأت حديثًا: اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَضْحَكُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاءِ اللاتِي كُنَّ عِنْدِي فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ). قَالَ عُمَرُ: فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي وَلا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُلْنَ نَعَمْ أَنْتَ أَغْلَظُ وَأَفَظُّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ) (متفق عليه)، أليس ذلك اختلاطًا أيضًا؟ وإن كان الزملاء لا يحترمون الشروط. فما ذنبي أنا؟ والسلام عليكم.
جواب السؤال
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فلا تجعلي لكِ علاقة بالفتيان، واجعلي علاقتك بالبنات، واجتهدي في الدعوة إلى الله، والاختلاط المحرم هو المتضمن لما نهى عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في قوله: (كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنْ الزِّنَا مُدْرِكٌ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ، فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاسْتِمَاعُ وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلامُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ) (متفق عليه).
ولا شك أن الشبان والفتيات في هذه السن لا يؤمن عليهم الفتنة، ويتأكد ذلك مع التبرج وعدم الحجاب، وما ذكرتِ من حضور النساء للنبي -صلى الله عليه وسلم- وسؤالهن له، وكذا رواية الأحاديث والفقه بين الرجال والنساء مع الضوابط الشرعية ليس اختلاطًا محرمًا.
وإذا كان الزملاء لا يحترمون الضوابط الشرعية فعليكِ بنصحهم ونصحهن، ثم مفارقتهم بعد ذلك.